مراكش الحمراء و خرافة السياحة الداخلية

           تتصدر مدينة مراكش الوجهات السياحية المغربية على المستوى الوطني ، باعتبارها المدينة الأشهر بفنادقها و خدماتها العالمية في مجال السياحة ، وصيتها الدولي، حتى أن البعض يعرف المغرب بمراكش ، أو يعرف مراكش قبل المغرب ، لكن هذه الشهرة العالمية لها ما يغذيها من الحمولة التاريخية للمدينة ، و لتاريخها السياحي الذي يمتد إلى الفترة الإستعمارية حيث روجت لها فرنسا كوجهة استثنائية تلخص عمق الثقافة المغربية ، و مع دولة الإستقلال استأنفت مراكش نشاطها السياحي و استمرت في احتضان مختلف التظاهرات الرياضية و العلمية و السياسية كدار ضيافة لاستقبال الأجانب ، و قد تعزز هذا التوجه مع مهرجانها الدولي الذي أسند تنظيمه للفرنسيين لكي يستقطب أهم وجوه السينما العالمية من أجل التعريف بالمدينة ....كل هذه المعطيات تجعل من مراكش المدينة السياحية الدولية رقم واحد بالمغرب ، لكن ماذا عن السياحة الداخلية ، إن كان هناك أصلا من يبالي بسياح الداخل و بحق الأسر المغربية في السياحة و الإستجمام؟


بالنسبة للسياحة الداخلية ، مراكش مجرد خرافة عند أغلب السياح المغاربة محدودي الدخل ، إذ أن منتوج المدينة كله موجه للأجانب أو للمغاربة الميسورين من مختلف المدن، كما أنه يعد غاليا لا يتوافق مع قيمته الحقيقية، فالكل يدعي و يتواطؤ في أكبر أكذوبة سياحية ، قائمة على السياحة الجنسية و تسويق الترفيه للأثرياء ، و هذا بعيد كليا عن مفهوم السياحة الواسع ، فمدينة مراكش في الميدان السياحي الخالص لا تقدم الكثير ، و لا تتفوق عن ما تقدمه مدينة تارودانت و مكناس و تزنيت و ورززات ، غير أن الإستثنائي هو الثمن الغالي و السمعة العالمية، و يجمع الكل على أن وجهات أخرى أقل شهرة كمدينة تارودانت ، بل و أسفي و مكناس و شفشاون تقدم منتوجا متنوعا و غنيا للمغاربة بأثمنة جد معقولة، إذ لا مجال للمقارنة بين غرفة نطيفة ذات تهوية و فراش نقي ب 100 درهم في شفشاون و فنادق عفنة ذات فراش متسخ يستعمل لسنوات ب 150 إلى 200 درهم في فنادق مراكش الشعبية ، كأن مراكش لا ترحب إلا بالأثرياء الذين بإمكانهم النزول في الفنادق الفخمة و إقامات ألف ليلة وليلة ، كما أن جمالية مدينة شفشاون و أناقة أزقتها و كرم ضيافة أهلها الذين لا يتطفلون و لا يتسولون أحدا ،و الأكل النقي الذي توفره مدينة ك تارودانت أو أسفي الغنية بتشكيلات السمك الطازج بأثمان جد مناسبة لا يمكن أن تقارن بالأكل الباهض الثمن و المحدود الجودة الذي توفره المقاهي و المطاعم التي تسمى شعبية تجاوزا في مراكش.

Commentaires

Articles les plus consultés